الرئيسية - تحقيقات - قصة الملياردير السعودي الكويتي " معن الصانع ".. استغل " الحب " لتنفيذ أكبر عملية "إحتيال " في التاريخ (تفاصيل)
قصة الملياردير السعودي الكويتي " معن الصانع ".. استغل " الحب " لتنفيذ أكبر عملية "إحتيال " في التاريخ (تفاصيل)
الساعة 12:09 مساءاً

ذات صباح شديد الحرارة من أكتوبر 2017 عثرت قوة من الشرطة السعودية على رجل الأعمال معن الصانع مختبئًا في “أحراش وغرف للعمال” هربًا من أحكام قضائية تلزمه بدفع مبالغ مالية ضخمة للدائنين.

كانت تلك بداية النهاية لقصة تشبه أفلام “هوليوود” الخيالية: رجل بسيط غير معروف أحبته فتاة من عائلة ثرية جدًا فتزوجها وأفلس عائلتها بالكامل بعدما بنى لنفسه امبراطورية لا تصدق.

اقراء ايضاً :

بداية القصة

كان معن الصانع ضابطًا بسيطًا في الجيش الكويتي إلا أن جميع المصادر تقول إنه هرب من الكويت بطائرة عسكرية إلى السعودية في ظروف غير معلومة، حيث استقر في المنطقة الشرقية بالمملكة.

وبدأ معن الصانع لعبة المال والثروة حين تزوج قبل 38 عامًا سناء القصيبي ابنة عائلة القصيبي السعودية المشهورة بثرائها حيث تأسست “مجموعة القصيبي” في عام 1940 وبدأت رحلتها من صيد اللؤلؤ والزراعة، وصولًا إلى التمويل و”البيبسي”، والإطارات، وغيرها من النشاطات.

وبالنسبة لثروتها الأسطورية ونشاطاتها التجارية المستقرة، كان الارتباط بعائلة القصيبي نقطة انطلاق لمعن الصانع لبدء مخططه الاحتيالي المدمر، فقد حصل على الفور على منصب مدير تشغيل قسم صغير من شركة القصيبي، للصيرفة والتي كانت مسؤولة عن التحويلات المالية للعاملين الأجانب في السعودية.

حول الصانع منصبه الجديد إلى واجهة مكنته من جمع ثروة هائلة، حيث وصفته تقارير غربية بأنه “كان سيدًا في الحصول على القروض”.

حصل الصانع على قروض من 118 بنكًا حول العالم تخطت قيمتها الإجمالية 20 مليار دولار أميركي بضمان اسم عائلة زوجته القصيبي.

توسع الصانع في “الصيرفة” ومن خلال “مجموعة سعد”، لينجح في تأسيس إمبراطوريته الاستثمارية الخاصة والمتنوعة من العقارات الفاخرة في لندن وأعمال الطاقة في سيدني وتجارة الماس إلى تملك طائرات من طراز إيرباص.

لكن ذلك تم بالتدريج وعلى مدى سنوات عديدة حيث حصل الصانع على الجنسية السعودية وظهر اسمه في الموقع 62 على قائمة فوربس لأثرياء العالم لعام 2009 بثروة قدرت قيمتها بـ7 مليارات دولار.

أكبر “احتيال في التاريخ”

في العام 2002، أسس الصانع بنكًا باسم “عائلة القصيبي” في الطابق الثاني عشر من برج شيراتون في البحرين، أطلق عليه “المؤسسة المصرفية العالمية”.

لكن المفاجأة المذهلة أعلنتها “عائلة القصيبي” عندما كشف محاموها بأنها كانت “ضحية لأكبر عملية احتيال في التاريخ” حيث اتهمت الصانع بأنه “استغل الاسم والسمعة المالية اللذين تتمتع بهما عائلة القصيبي لجمع الأموال من دون علمهم عبر استخدام “وثائق مزورة أو مزيفة”، ومن ثم سحب الأموال من المجموعة بوسائل متعددة، بما في ذلك دفوعات إلى أشخاص، أو حسابات أو شركات تحت سيطرته. وتقدر القصيبي مجموع ما “اختلسه” الصانع بما يقارب 9.2 مليار دولار.

أما الصدمة المدوية فقد كشفها تحقيق سري قامت به مجموعة “إيرنست آند يونج” وقدمته لمصرف البحرين المركزي في يوليو 2009.

التحقيق كشف أن بنك معن الصانع “المؤسسة المصرفية العالمية” هو “بنك وهمي بالكامل” لم يحضر رئيس مجلس إدارته ولا الأعضاء التنفيذيون، أي اجتماع لمجلس الإدارة على الإطلاق (على الرغم من أن محاضر الاجتماعات تضمنت تواقيعهم بأي حال من الأحوال).

ومن بين المحاضر المزورة تنبه المحققون لوجود محضر اجتماع بتاريخ الـ21 من فبراير 2009 برئاسة القصيبي في حين أن هذا الأخير كان يرقد في المستشفى في زيوريخ وتوفي في اليوم التالي.

 

وبحسب تقرير المدققين، فقد اعترف الموظفون الذين تم استجوابهم أنه لا وجود لعميل واحد للبنك، كما أنه لم يكن لديهم أي اتصال مع الزبائن وليست لديهم أي معلومات بشأن وثائق متعلقة بضمان القروض. وفي السياق عينه، اكتشف المحققون التقنيون أنه تم التحكم بأجهزة الكمبيوتر كافة عن طريق برنامج PC Anywhere حيث أجريت التحويلات SWIFT من الخارج وتم التحكم بجهاز الكمبيوتر الخاص بالمدير التنفيذي للبنك عن بُعد.

وفي نهاية المطاف اكتشفت عائلة القصيبي أنها تعرضت لأكبر عملية احتيال من خلال عملية تزوير واسعة النطاق لأوراق جرى من خلالها الحصول على قروض هائلة لم تدخل خزائنها مطلقًا وذهبت إلى امبراطورية الصانع.

وقضى الدائنون السنوات التسع الماضية في ملاحقة مجموعة سعد المملوكة للصانع، والتي مقرها مدينة الخبر بالمنطقة الشرقية في المملكة، وذلك من أجل الدين الذي قدر البعض أنه يتراوح بين 40 مليار ريال (10.67 مليار دولار) و60 مليار

وتخلفت مجموعة سعد ومجموعة أحمد حمد القصيبي وإخوانه عن سداد ديون في 2009، في أكبر انهيار مالي تشهده المملكة، لتتحمل بنوك محلية ودولية ديونا غير مسددة بنحو 22 مليار دولار.

وفي أكتوبر العام الماضي أمر ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، بالقبض فورًا على الصانع بسبب عدم سداد الديون، في خطوة أظهرت جدية المملكة في تنفيذ مبدأ محاسبة الجميع.

 

وبدأت في السعودية امس الأحد، أعمال مزاد علني لبيع أصول الصانع، بهدف سداد مستحقات الدائنين، ليسدل بذلك الستار على هذه القصة “الخيالية.”