الرئيسية - حريات - انفصال جنوب اليمن.. المشروع الإماراتي والموقف السعودي من “الإدارة الذاتية” (تقرير خاص)
انفصال جنوب اليمن.. المشروع الإماراتي والموقف السعودي من “الإدارة الذاتية” (تقرير خاص)
الساعة 01:12 صباحاً

فشل ما يعرف بـ”المجلس الانتقالي الجنوبي” في تنفيذ إعلانه عن الإدارة الذاتية للجنوب على أرض الواقع، وترك عدن وغيرها من المحافظات تواجه وحيدة فيروس كورونا والأوبئة المختلفة التي تحصد ما يزيد عن 70 شخصا في العاصمة المؤقتة وحدها بشكل يومي.

حتى الآن اكتفى المجلس الانتقالي ومليشياته المدعومة من الإمارات العربية المتحدة، بالسيطرة على عدد من مؤسسات الدولة الإيرادية، أبرزها ميناء عدن وجمارك المنطقة الحرة بعدن.

اقراء ايضاً :

ويحذر مسؤول يمني في قوات خفر السواحل في تصريحه لوكالة أنباء “شينخوا”، من إمكانية إضافة ميناء عدن إلى القائمة السوداء، بسبب تسيير الانتقالي له بطريقة عشوائية وغير قانونية ومخالفة للقواعد الدولية المتعارف عليها.

وتعاني عدن الموبوءة بالكورونا وأمراض أخرى، من إهمال شديد طوال فترة سيطرة مليشيات الانتقالي عليها، تفاقم الأمر بعد إعلانهم الإدارة الذاتية.

ويدعو وزير الإعلام في الحكومة معمر الإرياني إلى تجنيب عدن ويلات الفوضى والانفلات، مؤكدا في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء اليمنية “سبأ” أن العاصمة المؤقتة لا تستحق الوضع المتردي الذي يدفع ثمنه أبناءها.

حلم السلطة والرفض المجتمعي
في تفسيره للتناقض الحاصل بعد إعلان الانتقالي الإدارة الذاتية وعدم تنفيذه ذلك على أرض الواقع وخدمة المواطن، يؤكد الكاتب الصحفي شاكر أحمد خالد أن المجلس يريد سلطة على المحافظات الجنوبية دون أن يتحمل أي مسؤولية عن الأوضاع المعيشية فيها، ولا حتى مسؤولية أخلاقية جراء الاوبئة والحميات التي تحصد حياة المواطنين في عدن.

وقال لـ”اليمن نت”: “من سوء حظه أنه أعلن الادارة الذاتية في الجنوب في الوقت الذي بدأت جائحة كورونا بالانتشار، لكنه لا يكترث”، مضيفا “لقد شهدنا حالات مماثلة لتصرفات مليشيات الحوثي بعد دعوة القيادي في الانتقالي أحمد بن بريك المغتربين والمواطنين لدعم مجهودهم الحربي”.

وبدون دعم الإمارات لا تشكل جماعات الانتقالي أي تأثير على الأرض، وتبقى مجرد أصوات مزعجة فقط في الشارع، وفق شاكر الذي يشير إلى أنه حتى مع الدعم شهدنا خروج الشارع الجنوبي بمظاهرات رافضة تدعو لرحيل الانتقالي من عدن، ويؤكد ذلك التذمر انه ليس بوسع المجلس الانتقالي تقديم أي خدمة لأبناء المحافظات الجنوبية سوى المتاعب، خاصة مع دخول فصل الصيف وانقطاعات الكهرباء وكارثة الحميات وكورونا.

أطماع إماراتية وتحرك سعودي
وحتى اليوم، ترفض أغلب المحافظات الجنوبية إعلان الانتقالي الإدارة الذاتية وتؤكد تمسكها بدعم الشرعية واتفاق الرياض، وظل الجنوب في حالة من الصراعات البينية المستمرة أو مع الحكومة.

ويحاول الصحفي عمر العمقي وضع مقاربة لما يجري في عدن، قائلا إنه عقب انسحاب الإمارات من اليمن برزت تساؤلات كثيرة عن الخيارات التي ستتخذها تلك الدولة، ومدى قدرة الجيش على التصدي لها.

مستطردا في تصريحه لـ”اليمن نت” بعد أن تمكنت قوات الجيش الوطني والسلطة المحلية من فرض سيطرتها على عموم محافظة شبوة، إلا أن ميناء بلحاف لايزال يخضع للقوات الإماراتية المتمركزة هناك، متسائلا حول ما إذا كان ذلك يعني أنها لن تفرط في المناطق التي تعتقد بانها ستشبع أطماعها الاقتصادية كما هو الحال في تمددها في سقطرى.

وبإخراج الإمارات بتلك الطريقة العسكرية في واحدة من أهم محافظات الثروة، لعله سيحد من على الآمال بتنفيذ مشروع الأقاليم، بل ويعطي الشرعية السبب لاستخدام قوات تابعة لها من مأرب في فرض وجودها جنوباً وتحجيم دور الإمارات ووكلائها، بحسب العمقي.

كما يشير الكاتب الصحفي إلى اتفاق الرياض الذي نص على تمكين حلفاء أبو ظبي من تولي عدد من الحقائب الوزارية وإدارة شئون السلطات المحلية والأجهزة الأمنية في جنوب اليمن، وهو –كما يرى- ما لم يكن مقعنا للإمارات التي تسعى لفرض وصايتها على الجنوب، والتي طلبت من الانتقالي إعلان الحكم الذاتي لذلك الجزء من اليمن.

وكما يبدو أيضا للعمقي فإن خيارات الإمارات الأخرى لتحقيق أطماعها في اليمن، تثير حفيظة السعودية التي اتخذت من اتفاق الرياض وسيلة لتعزيز نفوذها في جنوب البلاد عبر عدد من البنود، وهي بذلك تسعى بالتدرج لإزاحة أبوظبي من المشهد عبر خلط الأوراق، ونقلات يمكن وصفها بالنوعية، كنشر منظومة باتريوت في سقطرى بدلا عن مأرب، والسيطرة على منفذ شحن بالمهرة بعد أيام من احتفاء أبوظبي بعودة قواتها ومقاتليها من اليمن.

أهداف زيارة عيدروس
وفي زيارة غير متوقعة في هذا التوقيت، وصل رئيس ما يعرف بـ”المجلس الانتقالي الجنوبي” عيدروس الزبيدي، برفقة بعض قيادات المجلس إلى المملكة العربية السعودية المسيطرة على المشهد هناك عبر قواتها، وهو ما أثار تساؤلات عديدة، خاصة أنها التي رعت اتفاق الرياض الذي رفض الانتقالي تنفيذه.

وفي تقدير الكاتب الصحفي شاكر لتلك الزيارة، فهي تأتي في ظل تطور مهم لاحق لإعلان الادارة الذاتية متمثلا بعملية القرصنة ضد السفينة البريطانية قبالة سواحل اليمن، والسجال الذي دار بين التحالف العربي بقيادة السعودية وأعضاء الانتقالي، بشأن ضرورة تمكين خفر السواحل اليمنية من مهامهم العملياتية.

ورأى أن تصريحات نائب رئيس المجلس الانتقالي هاني بن بريك تشكل تحديا للسعودية في هذا الجانب، وبذلك فهو يعتقد أن الزيارة مرتبطة أساسا بذلك التطور الذي لن يمنع من مباحثة قضايا أخرى عالقة حول بنود اتفاق الرياض المتعثر.

فيما يقول الصحفي العمقي إن دعوة الزبيدي إلى الرياض في ظل أزمة كورونا التي أوقفت السفر بين البلدان، واستقباله برغم الاحتياطات الصحية لتجنب الإصابة بالفيروس، تأتي بهدف استمرار الرياض بإزاحة الإمارات من المشهد.

آ الجدير ذكره أن الانتقالي أعلن أواخر الشهر الماضي الإدارة الذاتية للجنوب، وذلك بعد تعرض عدن للسيول التي أدت تضرر في البنية التحتية ووفيات وتفشت عقبها الحُميات التي ضاعفت معاناة السكان بسبب عدم تدخل السلطات هناك لشفط المياه المتجمعة.