الرئيسية - ثقافة وفن - وردة من دم المتنبي البردوني
وردة من دم المتنبي البردوني
الساعة 01:48 صباحاً

 


 مِن تلظّي لموعه كاد يعمى = كاد من شهرة اسمه لايُسمّى
 جاء من نفسه إليها وحيداً = رامياً أصلهُ غباراً ورسما
حاملاً عمره بكفيه رمحاً = ناقشاً نهجه على القلب وشما
 خالعاً ذاته لريح الفيافي = ملحقاً بالملوك والدهر وصما
 اِرتضاها أُبوَّة السيف طفلاً = أرضعتهُ حقيقة الموت حُلما
 بالمنايا أردى المنايا ليحيا = وإلى الأعظم احتذى كل عظمى
 عسكر الجن والنبوءات فيهِ = وإلى سيف (قُرمطٍ) كان يُنمى
 البراكين أُمُّه، صار أُمّاً = للبراكين، للإرادات عَزْما
 (كم إلى كم، تفنى الجيوش افتداءاً = لقرودٍ يفنون لثماً وضمّاً)
 ما اسم هذا الغلام يابنَ مُعاذٍ؟ = اسمه (لا): مِن أين هذا المسمى؟
 إنه أخطر الصعاليك طُرّاً = إنه يعشق الخطورات جمّا
 فيه صاحت إدانة العصر: أضحى = حكَماً فوق حاكميهِ وخصما
 قيل: أردَوه، قيل: مات احتمالاً = قيل: همّت به المنايا، وهمّا
 قيل: كان الردى لديه حصاناً = يمتطيه برقاً ويُبريه سهما
الغرابات عنه قصّت فصولاً = كالتي أرّخت (جديساً) و(طمساً)
 أورقَ الحبر كالربى في يديهِ = أطلعَت كل ربوةٍ منه نجما
العناقيد غنّت الكاس عنهُ = الندى باسمه إلى الشمس أوما
 هل سيختار ثروة واتساخا؟ = أم ترى يرتضي نقاء وعدما؟
 ليس يدري، للفقر وجه قميء = واحتيال الغنى من الفقر أقمى
 ربما ينتخي مليا، وحينا = ينحني، كي يصيب كيفاً وكما
 عندما يستحيل كل اختيار = سوف تختاره الضرورات رغما
 ليت أن الفتى - كما قيل - صخر = لو بوسعي ما كنت لحماً
 وعظما هل سأعلو فوق الهبات كميا؟ = جبروت الهبات أعلى وأكمى
 أنعلوا خيله نظاراً ليفنى = سيد الفقر تحت أذيال نعمى
 (غير ذا الموت ابتغي، من يريني = غيره لم أجد لذا الموت طعما
 أعشق الموت ساخناً، يحتسيني = فائراً، أحتسيه جمراً وفحما
 أرتعيه، أحسه في نيوبي = يرتعيني، أحس نهشاً وقضما)
 وجدوا القتيل بالدنانير أخفى = للنوايا، أمضى من السيف حسما
 ناعم الذبح، لا يعي أي راء = أين أدمى، ولا يرى كيف أصمى
 يشتري مصرع النفوس الغوالي = مثلما يشتري نبيذاً ولحما
 يدخل المرس من يديه وينفي = جسمه من أديمه وهو مغمى
 يتبدّى مبغى هنا، ثم يبدو = معبداً هاهنا، وبنكين ثَمّا
يحملُ السوق تحت إبطيه، يمشي = بايعاً شارياً، نعيّاً
 ويُتما مَن تُداجي يابن الحسين؟ (أُداجي = أوجهاً تستحق ركلاً ولطما
 كم إلى كم أقول مالست أعني؟ = وإلى كم أبني على الوهم وهما؟
 تقتضيني هذي الجذوع اقتلاعاً = أقتضيها تلك المقاصير هدما)
 يبتدي يبتدي، يُداني وصولاً = ينتهي ينتهي، ويدنو ولَمّا
هل يرى ما ترى مقلتاهُ؟ = (هل يُسمِّي تورّم الجوف شحما)؟
 في يديهِ لكل سِينَين جيمٌ = وهو ينشَقّ: بين ماذا وعّما
 لايريد الذي يوافيه، يهوى = أعنف الاختيار: إمَّا، وأمَّا
 كل أحبابهِ سيوفٌ وخيلٌ = ووصيفاتهُ: أفاعٍ وحمّى
 (ياابنة اليل كيف جئتِ وعندي = مِن ضواري الزمان مليون دهما؟
 الليالي -كما علمتُ – شكولٌ = لم تَزدني بها المرارات عِلما)
 آه يابن الحسين: ماذا ترجِّي؟ = هل نثير النقود يرتد نظما؟
 بخفيف الرموز ترمي سيوفاً = عارياتٍ: فهل تحدَّيتَ ظلما؟
 كيف تدمى ولاترى لنجيعٍ = حمرةٌ تنهمي رفيفاً وشما؟
 كان يهمي النبات والغيث طلٌّ = فلماذا يجفُّ والغيث أهمى؟
 ألأنَّ الخصاة أضحوا ملوكاً = زادت الحادثات، وازددن عُقما؟
 (هل أقول الزمان أضحى نُذيلاً؟ = ربما قلت لي: متى كان شهما؟
 (هل أُسمِّي حكم الندامى سقوطاً؟ = ربما قلت لي: متى كان فخما؟
 أين ألقى الخطورة البكر وحدي؟ = لست أرضى الحوادث الشمط أُمّا
 أبتغي ياسيوف، أمضى وأهوى = أسهماً مِن سهام (كافور) أرمى)
 شاخ في نعله الطريق، وتبدو = كل شيخوخةٍ، صِباً مدلهمّا كلما
 انهار قاتلٌ، قام أخزى = كان يستخلف الذميمُ الأذمّا
هل طغاة الورى يموتون زعماً = - يا منايا - كما يعيشون زعما؟
 أين حتمية الزمان؟ لماذا = لا يرى للتحول اليوم حتما؟
هل يجاري، وفي حناياه نفسٌ = أنِفَت أن تحلَّ طيناً مُحمَّى؟
 (ساءلت كل بلدةٍ: أنت ماذا؟ = ما الذي تبتغي؟ أجلّ وأسمى
 غير كفِّي للكأس، غير فؤادي = لعبةٌ في بنان »لَميا« و»ألمى«)
 كيف يرجو أكواز بغداد نهرٌ = قلُبه وحدهُ مِن البحر أطمى؟
 كان أعلى مِن (قاسيون) جبيناً = مِن نخيل العراق أجنى
 وأنمى للبراكين كان أُمّاً: أيُمسي = لركام الركاد خالاً وعمّا؟
(حلبٌ ياحنين، ياقلب تدعو = لا أُلبِّي، ياموطن القلب مهما.
. أشتهي عالماً سوى ذا، زماناً = غير هذا، وغير ذا الحكم حكما
 أين أرمي روحي وجسمي، وأبني = لي، كما أستطيب روحاً وجسما؟)
 خفِّفف الصوت للعدا ألف سمعٍ = هل أُلاقي فدامة القتل فدما؟
 يا أبا الطيِّب اتئد: قل لغيري = اِتخذ حطيةً على مَن وممَّا؟
 كلهم (ضبَّةٌ) فهذا قناعٌ = ذاك وجهٌ سمَّى تواريه حزما
 (ألطريق الذي تخيَّرتُ أبدى = وجه إتمامهِ، أُريد الأتَّما
متُّ غمّاً: يادرب »شيراز« أورق = مِن دمي
 كي يرفَّ مَن مات غمَّا وانفتح وردةَ إلى الريح تُفضي = عن عدوِّ الْجَمام كيف استجمَّا)
 أصبَحت دون رجله الأرض، أضحى = دون إطلاق برقه، كلُّ مرمى
 هل يصافي؟ شتى وجوه التصافي = للتعادي وجهٌ وإن كان جهما
 أين لاقى مودّةً غير أفعى؟ = هل تجلَّى ابتسامةً غير شرمى؟
أهلُهُ كل جذوةٍ، كل برقٍ = كل قفرٍ في قلبه، وجه »سلمى«
 تنمحي كلها الأقاليم فيهِ = ينمحي حجمُه، ليزداد حجما
 تحت أضلاعه »ظفارٌ« و»رضوى« = وعلى ظهرهِ »أثينا« و»روما«
 يغتلي في قذاله »الكرخ« يرنو = مِن تقاطيع وجهه »باب توما«
 التعاريف تجتليه وتغضي = التناكير عنه ترتدّ كلمى
 كلهم يأكلونَهُ وهو طاوٍ = كلهم يشربونهُ وهو أظما
 كلهم لايرونهُ وهو لفحٌ = تحت أجفانهم مِن الجمر أحمى
 حاولوا، حصرهُ، فأذكواحصاراً = في حناياهمو يُدمِّي ويَدمى
 جرَّب الموت محوهُ ذات يومٍ = وإلى اليوم يقتل الموت فهما

اقراء ايضاً :