مروان الغفوري
من رمضان إلى رمضان .. في المحكمة
الساعة 10:23 مساءاً
مروان الغفوري

العاشر من مايو 2021، في الأيام الأخيرة من رمضان، أوقفت سيارتي أمام متجر اسمه "دكان كشمير" وتسوقت. المتجرد مكتظ بالبضاعة على طريقة دكاكين العالم الثالث، تجد ما تريد وما لا تريد من أشياء طفولتك: من حلاوة المشبك إلى السمّوسة، من الفيمتو إلى الرطب، ومن أعواد البخور إلى خبز الزلابية [تشباتي]. سألتني الفتاة الواقفة على الكاشير عن المشروب الذي اشتريته، قالت: كل مرة أريد أن أسألك وأنشغل. قلت لها: اسمه فيمتو، إنجليزي الأصل، اخترع أول الأمر كدواء قبل زهاء مائة عام، ثم صار مشروباً، جريبه.

 

"ستون يورو، سأجربه" قالت.

 

دفعت الستين، وغادرت.

 

في الخارج التصقت سيارة سوداء بسيارتي من الأمام: الباب الأمامي الأيسر على مقدمة يساري بشكل مائل. الساعة 17:41، أنا صائم، إن استدعيت الشرطة سيأخذ الأمر ساعة على الأقل من ساعة الاستدعاء حتى البروتوكول. حركت سيارتي ببطء ميليمتري إلى الخلف، أوقفتها، نزلت وتفحصت السيارتين. ما من إصابة، كل شيء يبدو جيداً. أخذت طريق البيت وعلى الفور هاتفت ساره ياسين. كعادتها [الحقيقة أن ساره واحدة من أذكى البشر الذين عرفتهم على الإطلاق] لم تنتظر لتفهم ما جرى، صرخت: أنت مجنون رسمي. بعد مشادة أخذت نصف دقيقة خضعت لفكرتها وعدت أدراجي إلى المكان. كانت السيارة السوداء قد اختفت. رأيت شاباً يلعب بموبايله سألته، قال: لا أدري عمّا تتحدث. هاتفت البوليس، استمرت المهاتفة ثمان دقائق. رفض الشرطي أن يسجل محضراً إن لم أزوده برقم السيارة. قلت له إنها لم تعُد هناك ولدي إحساس أن الأمر مدبّر. رد بطريقة غاية في السخف فما كان مني سوى أن بادلته السخف، رفع صوته على الهاتف، وكالعادة في مواقف كتلك رفعتُ صوتي قلتُ له: شوف، أنا دكتور، ولما أقول لك .. قاطعني محتداً: ولماذا تذكر عملك الآن، ما دخله بما نتحدث عنه؟ أجبته: عشان أقول لك إني اشتغلت 12 ساعة منذ الفجر، وقمتُ بعملي، وتقريباً لم يعد لدي أي عصب سليم لأتجادل معك، مهمتك فقط أن تسجل ما سأقوله. ثانياً: الرجل الواقف هناك، يبدو لي، ولا أريد أن أكون عنصرياً، واحداً من عصابة. ليس حدثاً عفويا هكذا يقول حدسي. كما أن شغلي قربني من تلك الظواهر وأولئك الناس.

أصر البوليس على موقفه، وتعامل مع إشارتي لشغلي بوصفها إهانة، وهو الأمر الذي سأنقله كما هو إلى المحكمة بعد ذلك. سأقول للقاضي: شعر بالإهانة لأني أخبرته أني طبيب، وكنت أريد فقط أن أشرح له ما جرى.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص